المرأة لا تحتاج قصيدة تتغنى بجمالها..
إن المرأة العربية في صحراء النفط لا تحتاج قصيدة تتغنى بجمالها وحُسنها ورقتها وحيائها وخجلها واخلاصها..
إن الشاعر الذي يكتب أشعاره ويبث شوقه وألمه واحتياجه وضعفه وصبره وحبه وغرامه لتكون المرأة محور كل هذا في صحراء كهذه إنما يمارس شعوذته ونفاقه
ودجله وكذبه وزندقته وهرطقته ونذالته التي اعتاد ان يمارسها جالساً وواقفاً ،نائماً ومستيقظاً ، شامخاً ومنحنياً في وطنٍ يسلب الجوهرة جمالها
والحرية وجودها والانسانية معناها والعقل منطقه والشعر مصداقيته ..
إن هذا العربي لا يرى إلا بأعين مجبورة على أن تظهره بكل الجمال والابداع والانسانية والعدالة والتقدم رغم أنه ليس له علاقة بكل ما سبق ..
إنه يعرف ويعلم ويدرك ويعي أنه ليس عادلاً ولا محباً ولا عاقلاً ولا صالحاً ولا منصفاً ولا منتجاً ولكنه يعشق الخيال ويحبه ويهواه ويعبده
ولأنه اعتاد على أن يتخيل الماضي ويتخيل المستقبل ، يتخيل التاريخ واحداثه ويتخيل الموت وقبوره ويتخيل ويتخيل ويتخيل
فإنه لم ولن يمتنع أيضاً عن ممارسة خياله في واقعه حيث يكون ظلاماً ويتلذذ بتخيل ذاته نوراً..
إنه يعبد الخيال ، ولذلك يعيش الزور والجحود والظلم والخذلان حتى يستطيع ان يتخيل أنه كل الصدق والعدل والوفاء والعرفان..
ألا ترى أحدهم لا يخجل إذا ما قيل له شاعر وهو لا يستطيع ان يفرق بين بحر الرمل والهزج؟
لا يعرف حتى ان يؤلف بيت شعر واحد؟
ألا ترى ذلك الذي لا يستطيع أن يكتب جملة واحدة مفهومة ومع ذلك تجد الاف القصائد والاشعار تتحدث عن حكمته ؟
ألا ترى ذلك الذي يحدثنا على المنبر عن الاخلاص والامانة وكفالة اليتيم والعطف والقناعةوالزهد وهو يقود ممارسات الاحتكار واللصوصيةوالطمع والجشع؟
ألا ترى كيف أنهم يتكلمون عن الرحمة والمساواة والانسانية وهم لا يمتنعون عن ظلم نسائهم واضطهاد فقرائهم والعنصرية ضد أي مختلف معهم بلون أو نسب؟
ألا ترى ألا ترى ألا ترى؟
أم أنك أيضاً مثلهم لا ترى الا خيالا وتمارس ما يمارسونه من كذب وزور حيث اعتادوا ان يعيشوا كل المتناقضات بلا خجل
سرق اللص وألقى محاضرة عن حرمة السرقة ، ..
إن هذا ليس مثالا وحيداً أو حالة استثنائية انها ظاهره
في مجتمع يمارس انقراضه ..
يتآكل وهو في مراحله الاخيره فليست هذه التناقضات دلالة على حياة ونهضة بل دلالة على الإنحطاط بكل شيء
إن الإنحطاط كل الإنحطاط
هو تغليف الشقاء والخراب والدمار والظلم والتخلف والاهانة بغلاف السعادة والبناء والرقي والعدل والتقدم ..
أي أنك تمارس التضليل على نفسك أولاً وأخيراً حتى تصدق أن ما لديك مميز وجميل ورائع وعذب رغم أنه قبيحٌ وردييءٌ ومتهالكٌ وأجاج..
إن كل مضاهاةٍ فاشلةٍ وتقليدٍ رديءٍ ليس الا انحطاط..
إن كل كتاب يحمل الرسومات ويلعنها ، ويستخدم الالوان وينبذها ، ويستشهد بالحكمة ويحاربها ليس الا كتاباً منحطاً سافلا لمنحطين سافلين..
إن الانحطاط الحقيقي هو أن تبقى على ما أنت عليه ، ألا ترى أن جسمك يتآكل لو كان لصيقاً بالارض لفترات طويلة ، إنه يتآكل وينمو الدود فيه..
إن الواعظ منحط ، إنه بعض الإنحطاط أو كل الإنحطاط..
إنه إذ يغلف التخلف والظلم والاستبداد والدناءة بغلاف التقدم والعدل والمشاركة والسمو انما يمارس انحطاطه او يؤدي واجب الانحطاط ..
إنه إذ يبدل شعاراته وبراويزه وتشاكيله وتلاوينه بينما تبقى مفرداته وأفكاره وأحكامه واجتهاداته هي هي لم تتغير إنما يتلاعب لتبقى قلاع الانحطاط جاثمة على صدورنا
إنك إذ تقرأ عناوين كتبهم تحسب أنك أمام ربيع لم يزر صحرائنا منذ قرون طويلة وحينما تقرأ ما بتلك الكتب تعرف أن الربيع لا تنجبه رسل الانحطاط..
لايمكن للورد أن يولد من بذور الانحطاط ، حتى لو سكبنا على تلك البذور ينبوع طهارة ..
إن شرقنا غارقٌ بأكاذيبه ونبش ماضيه ،
..شرقنا أساطيرٌ ترددها المنابر وطلاسمٌ تتزين بسجع الكهان..
والمرأة العربية في صحراء كهذه ومجتمع كهذا لا تحتاج قصيدة ، لا تحتاج شاعراً يرميها بكل الجمال تارة ثم بكل القبح تارة أخرى ..
إنها لا تحتاج انتهازياً يستغل ماحلّ بها من ظلم ليظلمها أكثر أو واعظاً يرهبها ويخيفها من الحياة ويريدها دوماً ان تتنازل عن وجودها وحقوقها
إنها لا تحتاج سوى أن تكون هي هي كما أنت أنت
أي انها لا تحتاج سوى أن تكون بشراً له حق وجود في هذا العالم فهل تعي هذا؟
إذا بدأت بالتبرير فكن هي ولو للحظة واحدة وستعرف حجم ما تعانيه ولن تطيق صبرا..