Aert van der Neer, Moonlit Landscape With Bridge, c.1640

الهلال إذ يضمحل وينمو

Aert van der Neer, Moonlit Landscape With Bridge, c.1640

أقبلت كتائب الليل وعلى مناكبها أخذ الهلال يلوح لي بحاجبيه ، وقد نالني منه موعدان من الخيال وعشرات اللقاءات المفقودة المتأمَّلة.
أنا عالق بشاشة الجوال منذ سنوات ويأتي اعترافي هذا إدراكًا للفارق بين شخصين عشتهما كان الأول فيما أعتقد ، أشد براعة وجرأة على مداهمة الفراغ واختراع الأُنس ومواجهة الأتربة.

لقد اتخذت أصابعي قراراتها المستقلة في عشوائية الحرب والسلم حين هطول الظلام ، فكوني من مدمني الشاشات بشخصي الحالي قد شظّاني وأعاد تعريف اللسان والفعل ، فتطبيق يتلوه آخر إلى أن مررت على قوقل بطريقة الكلمات المتقاطعة ، أرمي حروفي العابثة أو مفرداتي العابرة وأدع الذات الآلية ، للحضارة المعاصرة تحدد ما أود البحث عنه ، وهي الطريقة التي تزعم أنها متوسط ما عليه البحث في منطقة أو أمة ما ، 
ولقد داهمتني لحظات غبارية من ذكريات الاستكشاف لعالم الشبكات في بداياته ، وما أن صحوت من هيمنة الطقس وتحسري على شخصي الأول ، بادرني قوقل : بتفسير حلم اليد ، 
بعد أن نقشت  “اليد” في خانته اللئيمة ، وجعلته يقرر كيف شاء ، وجهتي :

يقول النابلسي: هي في المنام إحسان الرجل وظهره وسنده، فمن رأى أن يده طالت وقويت وكان والياً فهو ظفره بأعدائه، وقوة أعوانه….

نظرت إلى يدي ، ومنحت التشظي بداخلي فرصة السؤال ، ماذا كانت عليه يدي في مناماتي ،
“لا أذكر شيئًا ” ، وعلى تلك الجملة تمدد شرياني وأنا أفكر بأحلامي التي عادةً ما تكون بالطيران وليس هناك ما يخص يدي/كفي وأصابعي / سوى أن ذراعيّ أحلق بهما ، الحقيقة أنني جربت الطيران كنسر وكعصفور ، 
وشعوري السعيد بكوني أطير أهم من تفسيره .

لقد حققت الحياة درجة من الوجدان البريء المتبلد ،-أو ربما المهتم فقط بكونه يتدفق – تدفعني للاعتقاد بأن الحلم جماله بالشعور وغايته أن أتجاوزه وأمضي ولم يعد للنابلسي وفرويد تلك الجاذبية . 

هل أمر بطيف بدائي من الانعتاق ؟ 
لست أدري ، لكني أتقدم ، وأحاول أن أتقمص حياة الهلال إذ يضمحل وينمو ، ولا يكترث .

عصام مطير

الرسمة الملحقة Aert van der Neer, Moonlit Landscape With Bridge, c.1640

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments