قد تصببتُ من السحر ما يكفي لتعثّر الرصيف بأقدام المارة ، وانقلاب الأبواب على فكرة الحراسة ، وقد حانت لحظة الإيقاع ، أي أن أتخلى عن الاتجاه ، وأهادن الموج وأذوب في فراغٍ لا ينتهي .
إنَّ لكل رسالة
اصطفافًا سابقًا من مشاعر ترفض النوم بالطريقة المعتادة أو إقحامها بعالم التهدئة والنسيان المؤقت ، لكنَّ رسالتي هذه
من عالم البرود ، والكلمات المنسية ، والتجوال بالأماكن المهجورة ، أي أنها مني بالأحوال التي يكون الشعر بها منطقة لا تناسب شخصًا يتقمصه فقدان الاهتمام ، والبحث والرغبة.
أيها المجهول !
الزمن ، لا الكلمة ، إليك ، هكذا علي أن أضع وعيي ، وأتأمل الطوفان .
أليس في التأمل ضمورُ الأفعال ، وتوحّدُ الماضي بالمضارع بالمستقبل بكان وإنَّ وماذا ولأين ؟
شرودٌ إو إقبالٌ ، كلاهما إذعان مرغم أنا عليه ،
ومتمسك بالأصل ، الذي أعترف به بوجودي ، أو أشعر به ، ولا أستطيع التعري منه، إنه “حديثي النفسي “.
العالم هناك ، يتقاسمه الصراع ، ورغبات بين نهايات اللهيب ومآلات الرماد ، وأمَّا العالم الذي يشعُّ بصوتي أنا فقط ، فهو الذي لا أعرف تحديدًا ما مصيره ، لكنّي أفضّل التمعن في حركاته على أن أبعثرَ إدراكي في حتمية الفشل بتقصي مصائرها .
ما هو الحديث النفسي ؟
ما هو ذاك الصوت القادم من ذاتي ؟ هل هو كل ذاتي ؟ بعضٌ منها ؟ ضدها أم معها ؟ هروبٌ منها أو معانقة لها ؟
هل هو أنا الممزوج بمحيطي ؟ أم أنا المفارق لكل الشوائب ؟
كل هذه الأسئلة وما يتشعب منها ليس له حيز برسالتي غير المبالية ، لأن الشاطئ الذي انهال من مخيّلتي إلى مخيّلتي ، تقدّمَ واستحوذَ عليَّ بعزفٍ فريد .
سيدي الشاطئ !
يا جرأة التغيير وحب المواجهة ، هل أنت حديثٌ نفسي لهذا الكوكب الغريب ؟
إنّ كل إجابة ذبحةٌ صدرية ، وغرقٌ لا يعنيك ، ولأنك لا تكترث ، فليس على رمال ذاكرتك ، من أثر باقٍ ، سواك .
أهذا كان سرك بالبقاء والوجود ؟
إنني أعرفك جيدًا ، وأعلم مدى سعادتك بكونك مستقلًا ،
ثم إنني هأنذا أديرُ حرفي كيف شئتُ ، وأشعر بأجناس أخرى من الوجود ترسم في ذهني ما يعجز عنه السلاطين والأساطين ، وأدرك في أعماقي أنني شخص غريب جدا ، ومن آخر بقايا السحرة المتمكنين ، ولكن كل ذلك ، لم يغير بوضعي الخاص شيئًا سوى أنني مستقل ، مثلك ،
ومعذب جدًا ،
فيا ويحك ، كيف نلتَ ما لم أنل ؟!
وكيف استطعت تمزيق رسالتي ، وبرودي ، فأثرت شعورًا ، وأيقظت خيالًا وتركتني في قُمْقُمي.
،،
شوقي لأعلو فوق ذاتي كلّها..
شوقُ الجبالِ بأنْ يكُنَّ نجوما !
،
والعالمُ المخبوءُ في قولي “أنا“..
يتقاسمُ المجهولَ والمعلوما
،
فإذا أردتُ ، فلستُ وحدي إنّما..
وكأنّما ، ولعلَّ “لا” وخصوما
،
هيَ حبكةُ العيشِ الذي أُهدِيتُهُ ..
أن أستريحَ كشاطئٍ لأدوما
،
قدري المجازُ وما أزالُ بظلّهِ..
وضيائهِ ، متكلمًا ، مكلوما
،
فإذا أردتُ ، فربما كنتُ المدى..
أو كنتُ قافلةً مضت ورسوما
،
يقتادني، شفقُ اليقين وعالمي..
بردائهِ جعلَ الحديثَ وجوما
،
ما “أين“؟ ما تعنيه “ما“؟
قد ضقتُ مِنْ..
نسقٍ سناهُ يجزّئ الأقنوما
،
شأنُ النهايةِ للبدايةِ عابرٌ..
رفضَ الطريقَ فذاقها مهزوما
،
عصام مطير البلوي
،،،،،
رسالة نثرية بخاتمة شعرية
الرسمة الملحقة للرسام الالماني إميل نولد توفي عام 1956م