سر السراب ، عمر أبو...
 
الإشعارات
مسح الكل

نقاش سر السراب ، عمر أبو ريشة

User Avatar
(@essammutair)
Estimable Member Admin
التعبير
المقام السادس
Points: 516229
انضم: منذ 12 سنة
المشاركات: 67
بداية الموضوع  

 

يقول عمر أبو ريشة بقصيدته "سر السراب" ، المبنية على البحر الكامل :

كم جئتُ أحمل من جراحات الهوى
نجوى ، يرددها الضمير ترنّما
،
سالت مع الأمل الشهي لترتمي
في مسمعيك ، فما غمزت لها فما
،
فخنقتها في خاطري ، فتساقطت
في أدمعي ، فشربتها متلعثما

عمر أبو ريشة

▪️إن الحب  ، هو إحساس تواصلي بالآخر يتفوق على الحواس ، وهذا ما اعتمد عليه الشاعر في نصه ، لأن العشاق يشعرون ببعضهم دون الحاجة للإفصاح الكلامي ، يدخل بذلك لغة الجسد ويزيد عليها التخاطر والوعي العميق بهمسات الذات ،

فقوله :
(نجوى يرددها الضمير ترنما) أي ما يكنّه في ذاته من حديث ، وهو حديث الأمل الموجّه نحوها ( ومن المفترض أنها بصفتها عاشقة أن تعي ذلك الشعور المتمثل بحديث النفس والممزوج بأمله بها) لكنها لم تنتبه (لم تبادره السؤال) (فما غمزتِ له فما)

وقوله : (فخنقتها في خاطري) لقد فضّل العاشق أن يقتل شعوره الذي فسر فيه دموعه وقد منح المشهد وضوحا أكبر (فشربتها متلعثما) أي أنه من صدمة عدم اكتراثها دمعت عينه وتلعثم في كلماته وفضّل أن يرحل مادامها لم تستطع إدراك ما به (وهذا دليل مهم على أنها لا تحبه أو هكذا يتهيّأ عادة العشاق) :

ورجعتُ أدراجي ، أصيدُ من المنى
حُلمًا ، أنتم بأُفقهِ متوهما
،

ثم قال :
أختاه ، قد أزف النوى فتنعمّي
بعدي فإنّ الحب لن يتكلما

 

قوله (أختاه) أنهى وجودها في عالم الغرام وأعادها لعالم القرابة الآدمية لا أكثر ،
وقوله ( فإن الحب لن يتكلما) يعني به صمته الأبدي ، وبهذا فالحب له لغته الكلامية في عالم الغرام لكنه انتهى من هذا العالم ليعود لعالم آخر فاقدًا أداته الغرامية (الشوق،الرغبة،التعبير)

ثم قال :
لا تحسبيني ساليًا ، إن تلمحي
في ناظري ، هذا الذهولَ المبهما

يعود الشاعر ليعبّر عن حالة التذبذب في قرار الفراق والابتعاد وهي حالة عادة ما تكون ،
فهو وإن كان قد ابتعد فإنه مازال مشغولا بها لكن :

إن تهتكي سر السراب وجدتهِ
حلم الرمال الهاجعات على الظما

 

يا له من تصوير إبداعي لما يعيشه فهو يخبرنا بأنه مازال يحلم بها لكنه الحلم المحال الذي فسره بماء (نراه من بعيد على الرمال ) لكنه سراب وما هذا إلا حلم الرمال العَطِشة ،

IMG 3236

نرى هنا أيضًا أن الشاعر يختلف عن الفيزيائي ، الشاعر يمنح المشهد/الكيان/الظاهرة الطبيعية معنى له علاقة في وجوده في الذات ، تجاربه ومواضيعه اليومية التي يرعاها ويعاقرها في نفسه ، إنه ينتصر على فكرة الغربة بهذا العالم ، ويجسد علاقته مع الكون ، ويحقق انسجامه مع الحياة

 

من لديه إضافة تأملية فليتفضل …  


   
اقتباس
شارك:

🕶 كن معنا !

الإبداع ثقافة وتواصل . اشترك للحصول على أحدث منشوراتنا الأسبوعية في صندوق الوارد الخاص بك. لن نرسل لك بريد عشوائي هذا وعد. أعرف المزيد في سياسة الخصوصية الخاصة بنا.

زر الذهاب إلى الأعلى
Rkayz

مجانى
عرض