هل تغضبُ من صفحةٍ بيضاء؟
صفحةٌ بيضاء..هل ستقرأ في صفحةٍ بيضاء؟
كلما كان هنالك تعكيراً لبياض تلك الصفحة كلما ازدادت احتمالات القراءة ولحظات البقاء
أي أننا كلما رأينا الأمور معقدة كلما تطلعنا لتفكيكها وقراءتها والاستفادة منها
إننا كبشر لا نحب الامور ببساطتها إلا نادراً جداً فالأمور المعقدة المركبة الغامضة تجذبنا ليس لأنها مجهولة فقط ونود معرفتها ولكن هنالك فهم اكتسبناه من الحياة وحاجة بنا يدفعانا لمثل هذا السلوك ..
إننا نبحث عن أنفسنا في ذلك المعقد ..في ذلك الذي ليس صفحة بيضاء !
هل نحن نبحث عن أصدقاء جدد أم أننا نبحث عن صفحات جديدة وما الصداقة ذاتها سوى حاجتنا لغيرنا وحاجة غيرنا لنا وانسجامٍ وذكرى واعتمادٍ ومشاركةٍ وهي بدون ذلك لا تدوم..
وليس لصفحةٍ مقروءةٍ سوى الهجران فمن هذا الذي يظل يدحرجُ عينيه بنفس الصفحة بعد قراءتها؟
إن الكثير منا قد يبتعد عن أصدقاءه دون ظروفٍ أجبرته لأنه عرفهم وقرأهم وفسرهم وفهمهم وحفظ تفاصيلهم وتضاريسهم ومناخهم وطقوسهم حتى وصل إلى حد الإكتفاء
ليجد أنه برحلةٍ جديدةٍ يبحث عن أصدقاءٍ جدد ، يبحث عن انسان جديد يكتشف فيه ذاته ويتعلم منه ما لم يتعلمه من سواه ..
حينما تقرأ الصفحة التي بين يديك بكل مافيها من سطورٍ ستصبح صفحةً بيضاء لتمتد يداك لصفحةٍ أخرى تبحث فيها عن جديدٍ يشعرك بالزيادة لا النقصان كما تمتد روحك العابثة للبحث عن صديقٍ جديد..
فهل تغضبُ من صفحةٍ بيضاء ؟
لا يغضب امرؤٌ في هذا العالم من صفحةٍ بيضاء ولن يحقد عليها أبداً
فما الذي يجعل أحدنا يحقد على صديق قديم ولقد قرأ كل مافيه وعرفه وفهمه وأدركه وشاركه فكان جزءا منه بإضافات ومنطلقات وزوايا أخرى ..
دع التبرير لا خير في دنيا تعيشها بالتبرير
و دعِ الصفحة البيضاء تبقى كما هي فما الذي يضيرك إن بقت ؟
ألا تعلم أننا جميعاً صفحاتٌ بيضاء ؟!..