
إلى الله ما هزَّ الضلوعَ فأوجَدا
شكوتُ وما زادَ الطريقَ فأنجَدا
،
ولي منهما أحيا بوصفيَ تائهًا
يرومُ الثريّا فارتدى الصبحَ موعدا
،
إلى اللهِ إذ أُبدي بنجدَ صبابتي
ونزفًا بآماق المذاهب والهدى
،
رميتُ وما تُرمى الحياةُ بشاعرٍ
أصبتُ وما كان الصوابُ على العِدَا
،
مزاميرُ سحري ، فلسفاتُ قصائدي
بإبريق قديسٍ رأى الصمتَ مولدا
،
وللكأسِ في جفني سرابُ مهاجرٍ
يلملمُ أشلاءَ المدينةِ مُجهدا
،
ومن حُسْنِ حظِّ الجرحِ ذاكرتي التي
أبت كلَّ شيءٍ ما خلاهُ وما عدا
،
تأمّلتُ آمالي فأطرقتُ ساعةً
وللحزن مجدٌ نالَهُ فتَقلَّدا
،
تتوهُ بيَ الدنيا فأيُّ بدايةٍ
لها من صروفِ الدهر أن تتجدَّدا
،
ومن سائرِ الأمثال كنتُ سحابةً
تَنادى لها النسيانُ صحوًا مشيَّدا
،
أيا دمعتي الجرداءَ جئتُ وعالمي
رأى في سبيل الموت أن يتجرّدا
،
فآفاقُ محرومٍ، وشمعةُ ذاكرٍ
وأحلامُ حُرٍّ رامَها فتقيَّدا
،
وللموعدِ المأمولِ ألفُ حكايةٍ
أطلتُ خيالاتي بها فتردَّدا
،
على شاطئ المعنى أُعيدُ كتابتي
وزُرقة مائي شاءها الرملُ معبدا
،
أموجُ وأمواجي سلالةُ عابثٍ
دنا فتدلّى واستدانَ فسدّدا
،
مضى في نداءِ الحبرِ يطلبُ حرفَهُ
وما سطّر التاريخُ غيركِ للمدى
،
وقاتلتي يوم الغياب رأيتُهَا
بحرقة أشواقٍ تعاقرُ جلمدا
،
فأبديتُ ما كان الجلال يردُّهُ
وأبكيتُ من سُكري سماءً وفرقدا
،
كأنِّي ونيرانُ الجوى بترائبي
نهارٌ تناديه الخرائب للسُدى
،
أجاهدُ أوهامي وأذبحُ نظرتي
وطوفان شكّي أمَّ قلبيَ واقتدى
،
أفقتُ من العشق العظيم مبعثرًا
شريدًا بأرياح الحياة مؤبَّدا
،
إلى الله أشكو ألفَ ألفَ صبابةٍ
رمتني بداء الظل حتى تسرمدا
،
نداءاتُ أحجارٍ ونشوةُ حاجزٍ
وغصنٌ من الزيف المطرّزِ بالندى
،
مُحَاطٌ بأنصاف الحقائق مُرغمًا
ولي من جهات الحرف صوتيَ والصدى
،
وأسأل عنِّي في الغياهب خاطرًا
وقد صاغَ جُنح الشعر وجههُ واليدا
،
خيالٌ ومرآةٌ بأيُّهَما ابتدت
حكايةُ يومي فاستباحَ بيَ الغدا؟
،
ويزدّادُ سُؤلي حيث وجّهتُ ناظري
ليغتالَ جفني غافلًا متعمِّدَا
،
وشاطرني عبر المتاهةِ خافقٌ
لهُ في حضورِ الغيب أن يتفرَّدَا
،
فأُخفي عن الطومار لوعةَ عاشقٍ
فيكتبها شطرًا وزادَ وعدّدا
،
أُقاد لدوري صامتًا متكلمًا
كما نال بدرُ الليل دورًا مُحدّدا
،
وللشمس معنى خلف ذلك كلّهُ
يلوحُ ويحكي ما تقمّصَ وارتدى
،
على أيِّ ذنبٍ قد تركتِ متيّمًا
يواري بأثواب القصيدةِ ما بدا؟!
عصام مطير
تمّت بفضل الله قصيدةً عموديةً على البحر الطويل.