بقصيدته عبير ، المبنية على البحر السريع ، يقول السياب :
عطّرتِ أحلامي بهذا الشذى
من شعرك المسترسل الأسودِالجو من حولي ربيعٌ حَبا
من خِدره النائي إلى الموعدِ
سؤالي هو ماذا حدث بي بالتزامن مع قراءتي للنص ؟ وسؤال آخر ما هو المتدفق والحركي به؟ وسؤال أخير ماذا شدني وأعجبني؟
بدايةً مخاطبة الأنثى في مخزون الشعر وماضيه وكذلك العكس حين تخاطب شاعرة رجلا لابد أن تكون هذه المخاطبة مثيرة لعاطفة جمالية تحدد نفسها بعد ذلك باللفظ المستخدم وهي غالبًا مخاطبة غرامية ، وبالتالي أنا نفسيًا جاهز للاندماج فلغة الغرام بالشعر تثير بداخلي رغبة العلاقة أو ذكرى لعلاقة قديمة أو كليهما معًا.
العطر كلمة مثيرة لذاكرة حسية متعلقة بالشم ، وهي أعلى درجة في الثراء بالنسبة لحاسة الشم ، وحين تخاطب بها امرأة فنحن هنا نزيد من شاعرية الجمال وعبر الاستعارة والإزاحة فقد جعل الشاعر محبوبته تعطّر أحلامه ، أي تجعلها بغاية الثراء والجمال ، والعطر جاء من شعرها فهي مصدر هذا الجمال ، وقد كسب النص برأيي جمالا إضافيا بجعل شطر البيت الأخير " من شعرك المسترسل الأسود" بسيطًا مقارنة باستعارة بحجم "عطّرت أحلامي" .
البيت أيضًا به مشهد ضمني كما أن به مشهد متخيل ، مشهد تعطير الأحلام بشذى شعرها الأسود ، فالضمني هو ما أعيه بذاتي أنه سعيد بها ، وقد نال منها ما يزيد غرامه ، وأنه في غمرة الحب ازداد رونقًا ومصداق ذلك قوله بالبيت الذي يليه :
الجو من حولي ربيعٌ حبا
من خدره النائي إلي الموعدِ
ثمة علاقة بين كلمة "جو" بهذا البيت ، وبين كلمة "عطّرتِ" بالبيت الأول ، وهذا الارتباط الذي يشكله العطر بالجو ، في الواقع أسس البيت الثاني ، وقد وثّق السياق أيضًا ، وجعلنا نعيش المشهد الذي بدا يكتمل ، فالبيت الأول لم يشر إلا ضمنيا بأنه سعيد بمعانقتها الغرامية أ، بحد أدنى مشاهدتها وشم رائحة عطر شعرها الأسود ، والأسود هنا أيضا يشير لليل والمع ولو ضمنيا ، والستر في حلكته والعلانية بينهما والمكاشفة بالحب ، فهي تجملت له ، عطرها يشير بأنها راغبة به ، ولكن هذا لم يشر للآن تماما بصحة هذه الاحتمالات إلى أن اتجه نحو الحديث عن ما يراه من جو يحبو حبو الأطفال نحو الموعد ، إنه سعيد تماما وقد حقق لنا مشهد المواعدة وشرح لنا أنه قبلها أو دونها وحيد من خلال تبيان أن "الجو" حبا من "خدره النائي" وهذا الجو ليس سوى رمز لذاته .
سأشرح بعض أجزاء من نصه هذا لاحقًا ومن يريد التعليق وإبراز ما أعجبه هو بالبيتين السابقين أو ببقية النص فليتفضل ، علما بأن هذا هو تأمل جمالي يساعد على تطوير عدسة الجمال والرؤية من خلالها والتعبير الجيد لاحقًا
بعد التحيه والسلام :
بسم الله الرحمن الرحيم :
في النص التاني الجو من حولي ربيع حبا لدي سؤال حوله ، هل يفهم أيضا أن إشارة الشاعر لفصل الربيع دلاله علي اكتمال النص لإحتواء الربيع اغلب الزهور المعطره وارتباط.علاقة مسرته مع قرب الموعد معها
أي بطعم مختصر: انتقل الشاعر من وصف الشذي وتعطير الهيام بالشعر الي وصف مثير بحباوة الربيع مع قرب أجل الموعد.
وعليكم السلام ،
لو راجعت القصيدة ستجد أن البيتين السابقين هما بداية النص (المطلع) وهو يصف ما عاشه أو لحظة ما يعيشه بمخاطبة من يحبها فققوله عطرتِ فعل ماضي ، وهذا يعني أنه يصف شيئا تم بالفعل ، لكن من باب الخيال والمبالغة ربط الشذى (وهي كلمة مرادفة للعطر) بتعطير الأحلام ، وقد قال الشذى ولم يقل العطر لاعتبارين ، اعتبار الوزن الذي لن تركب عليه كلمة "العطر" فالبحر السريع ضربه : فاعلن ، وتركب عليها بالوزن كلمة شذى وأما كلمة عطر فلا تصلح إلا من خلال تسكين الراء وهذا عيب وضرورة غير مستساغة ،
والاعتبار الثاني أن تنويع اللفظ للمعنى أفضل ، فقوله عطرتِ أحلامي بهذا الشذى ، أجمل من قوله : عطرت أحلامي بهذا العطر ، التكرار هنا ممل ،
والاعتبار الثالث : كلمة :الشذى ، فتحت إيقاعيا تقارب صوتي مع كلمة " شعرك" عبر صوتية حرف الشين .
بالنسبة للانتقال بين البيت الأول والبيت الثاني:
البيت الأول تحدث عن الموعد وما حدث به ، فعطر الشعر لا يمكن أن يكون إلا إشارة لغرام وعناق ، فلا أحد يشم رائحة الشعر إلا عبر ذلك أما المعتاد فرائحة الثياب أو الشخص ككل ، وقد تحدث عن نفسه " عطرتِ أحلامي" ، وتحدث عنها " من شعرك الأسود المسترسلِ" ، ثم بعد ذلك
انتقل بالبيت الثاني إلى :
الحديث عما حوله "الجو" الذي وصفه بأنه ربيع حبا ، وهو تصوير جمالي بالفرح والسعادة ، إلى "الموعد" ، وقد رمز لذاته من خلال "خدره النائي" ليبرز جانب الوحدة ،
وقوله "خدره النائي" قفز بالنص لمستوى عال الجودة ، فقد جعل الجو شخصا له حياته الخاصة ، يعيش وحيدا ثم أصبح ربيعا يحبو نحو الموعد ،
يناسب الشذى بالبيت الأول ، الربيع بالبيت الثاني... ويناسب الشعر الأسود (الرمز للغرام) بالبيت الأول ، الموعد بالبيت الثاني ،
أهم عناصر الجمال بالبيتين :
١. المستوى الإيقاعي : الرابط بين الشذى والشعر ، عبر حرف الشين ، وبين المسترسل والأسود عبر صوتية حرف السين بالبيت الأول .
الرابط الصوتي بحرف النون (من حولي) ، (من خدره) ، (النائي) والتنوين أيضًا (ربيعٌ) ، بالبيت الثاني
وكذلك صوتية الحاء (حولي ) ، (حبا) بالبيت الثاني ، وعبر صدى الذاكرة للبيت الذي يسبقه (أحلامي)
٢. الاستعارات والتخييل :
"عطرتِ أحلامي" ، "ربيعٌ حبا " ، " من خدره النائي إلى الموعد" ، علما بأن البيت الثاني هو من رفع قيمة البيت الأول ، فالبيت الأول كان اعتياديا منحه البيت الثاني معنى تأكيدي لحالة السعادة والهيام .
للحديث بقية...
@abdul-aziz مرة أخرى نرحب بك بالموقع ، وبعد المشاركة الثالثة ، سيتحتم عليك تعديل حسابك من خلال : ملفي الشخصي ، ثم اختر "الحساب" ، وضع اسمك الحقيقي الثنائي أو الثلاثي ، بالعربي ويحق لك كتابة اسمك الأول الحقيقي والأسم الثاني لقب مستعار أو كنية مشهور بها إذا أحببت . علما أن اسم عضويتك الذي تدخل به هو الاسم الانجليزي وإذا أردت الدخول به بدل الفيس بوك ، أضف كلمة سرية ، ستجد كل هذه الخيارات بقسم "الحساب" بعد مشاركتك الثالثة تستطيع فعل كل ذلك ويا هلا .
صحيح لم اركز علي عطرتِ وظننتها عطرتُ لهكذا تم التأويل منا علي هذا النحو ، شكرا جزيلا استاذ عصام علي هذا التوضيح 🌻