"الأدب نفسه هو الموجّه للجميع لا الدراسات الأدبية ، فمن الأولى تدريس الأدب لا الدراسات الأدبية"
تودوروف ، من كتابه الأدب في خطر
أخذ تودوروف براعته النقدية ليوجه الأنظار نحو رداءة دراسة الأدب بالمدارس ، ومقالته من المقالات البارعة في الكشف عن نقاط الضعف بالتعليم ، ومن خلاله أيضًا سنفهم مشكلة الأدب الحالية التي تحدثت عنها سابقا حول مأساة النزعة الأكاديمية بالأدب ، وتحول الشعر لصنعة تعليمية ومجتمع أكاديمي يبحث عن القواعد والمعايير ولا يتبنى قضايا حية ، ويميل لرمزية تائهة بفعل الكرسي .
كتاب الأدب في خطر تناول أيضًا :
▪️مفهوم الجمال بالأدب ، والنظرة الحديثة للجمال : علمنة متزايدة للتجربة الدينية ، وقدسنة الفن الملازمة لها.
▪️طريقتان يراها تودوروف حققت تلك النظرة :
١. استعادة وإعادة إضفاء القيمة على صورة قديمة: الفنان - المبدع ، تقديسه كمبدع وكإله بالوقت ذاته .
٢. إن هدف الشعر ليس محاكاة الطبيعة ولا الإفادة والإمتاع ، بل إبداع الجمال .
يعود تودوروف ليناقش قضية الأدب المعاصرة التي أخذت قطيعة ما مع الجماهير وتحول الأدب بها إلى أدبين : "أدب جماهيري وهو إنتاج شعبي على اتصال مباشر بالحياة اليومية ، وأدب النخبة الذي يقرأه المحترفون - نقاد وأساتذة وكتّاب - الذين لا يهتمون إلا بالإنجازات التقنية لمبدعيه وحدها".
وانتقل بعد شرحه لوجهة نظره نحو : ماذا يستطيع الأدب؟ ، ليحكي لنا قصة "جون ستوارت مل" مع الاكتئاب ، ثم يكتب هو رأيه عن الأدب :
( الأدب ، سواء بواسطة المونولوغ الشعري ، أو بواسطة السرد ، يجعلنا نحيا تجاوب فريدة ، أما الفلسفة فتعالج مفاهيم ،الأول يصون ثراء المعيش وتنوعه ، والثانية -يقصد الفلسفة- تفضل التجريد الذي يتيح لها صياغة قوانين عامة)
ويقول أيضًا :
( رواية الأبله لدوستيفسكي يمكن أن يقرأها ويفهمها عدد لا يحصى من القراء ، من حقب وثقافات شديدة الاختلاف لكن شرحا فلسفيا لنفس الرواية أو لأغراضها لن يكون مفهوما إلا لقلة متعودة على هذا النوع من النصوص ، غير أن أقوال الفيلسوف بالنسبة للذي يفهمونها ، تمتاز بعرضها لقضايا لا لبس فيها ، في حين أن الانقلابات التي تعيشها شخصياتالرواية أو مجازات الشاعر تحتمل تأويلات متعددة).
الأدب في خطر ، تودوروف ، ص 46
ينقل لنا تودوروف فقرة جميلة في نقاش الأدب :
"اقترح الفيلسوف الأمريكي ريتشارد رورتي أن نصِفَ بطريقة مغايرة إسهام الأدب في فهمنا للعالم، يرفض استعمال مصطلحات مثل "حقيقة" أو "معرفة" لوصف هذا الإسهام ويؤكد أن الأدب لا يعالج جهلنا بقدر ما يُبْرِئنا من "عبادة الأنا" ،بمعنى وهم الاكتفاء الذاتي"
المصدر ذاته ، ص 47
ويضيف عما قاله الفيلسوف الامريكي:
"ويرى أن قراءة الروايات لا تشابه المؤلفات العلمية أو الفلسفية أو السياسية ، بقدر ما تشابه نمطا من التجربة المغايرة : تجربة اللقاء بأفراد آخرين"
وبعد سطور من ذلك بدأ فصله الجديد : تواصل لا ينفد
وسأدعه لكم لقراءته وتلخيصه ....
قراءة ممتعة