نثرنصوصخواطر

البطل المنشود

كلُّ ما فيه يطفح برائحة البيع الذي لم يتم ، لَكأنَّ البضائعَ المكدّسةَ فاضت بالبكاء من خيبة صاحبها و”قلّ دبرته”.
أنا المعني بكل شيء في سبيل الكتابة واللا معني بشيء في سبيل النوم وجدتني أُثاقلُ الخطى على غير عادتي كيلا أخرج فارغ اليدين من تتمة تخفف حدّة الزخم وتداري الدموع على أي نحو.
نعم،
خرجت من محل السجاد وأنا أحضن سجّادًا ليس له شبرٌ في منزلي وبداخلي جذلٌ كانتصارات الضمير، هشّ، تبدّدَ ما إن رأيت الأرض مغطاةً بالإسفلت على مدّ النظر وكأني لم أكن يومًا البطل المنشود.
أيها المحلّ الصغير!
حتى لو أقنعت قومي بأن الإسفلت مؤامرة لجعْلِ الأرضَ محطاتٍ ثابتةً للطائرات الحربية في محاولة أخرى لمجاملتك التي تورطت بها لأني معني بكلِّ شيء في سبيل الكتابة، أو الحالمين منهم بأنّ المدينة الفاضلة لن تكون إلا بفرش الأرض، أو الهلوعين منهم بأن “اقرأ” في كلّ زاوية والبيت أوحد من أن يدثر، أو الذين نضب وحيهم بأنّ السجاد الأصفهاني فيه بقية الكلام الذي أسقطته الصباحات التي مرّت بشهرزاد والكشميري فيه سخرية النزاعات واضطراب الهويّة الموجب للتأليف، كيف أقنعُ نفسي بأن الأرض التي لا أستطيع أن أبصق عليها بعد اليوم سفر؟ والمشتاق بأن الأرض التي أصبحت تعانق العطور لفترةٍ أطول لا تعانق أصحابها أيضًا؟ والمصاب بأنه لم يصل إلى سريره بعد – على الأقل – حتى يحصل من هم حوله على جرعتهم الرخيصة من الأمل؟ والغيوم بأن بغضها للون الأحمر خرافة اخترعها انسان من نقص خبرته بها؟ إني أخشى أن تضيق علينا الأرض بعد ذلك بأجنّة وولدان حالت دون التخلي عنهم عيون المآذن في المساجد قبل ذلك ، أو أن تختلط علينا حدود الجار والوطن.
أيها المحلّ الصغير الذي أنهك صاحبه بالترقّب وأثقل المشتري بكثرة الخيارات،
أنت أصلاً أكثر من أن تتحملك أرض واحدة،
لكأنك تزعم بسجاجيدك الكثيرة أنك ستطيل المبيت.
لم تكن البضائع تبكي !
إنها الأرض تبكي عفن الإمساك وفيها براح وتعتب ما يُطيل السجود وفيها ما يستحق التأمل.
وقبل أن أغادر، التفتُّ إليه
وقلت: “أنا البطل المنشود”! وكأني سمعته يقهقه بعد ذلك.

فرح البدر

الرسمة الملحقة للفنان الامريكي البيروروسي ليونيد افريموف تـ٢٠١٩ م
4.7 3 votes
تقييم الأعضاء

مقالات ذات صلة

Subscribe
Notify of
guest

1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
Rkayz

مجانى
عرض