سيميائية تحليلية لق...
 
الإشعارات
مسح الكل

سيميائية تحليلية لقصيدة(ما لم يُحِطْ به الهدهد)

د/ محمد شاهين Dr- Mohamed SHaheen avatar
(@dr-mohamedshaheen)
New Member Registered
المقام العاشر
Points: 439
انضم: منذ 13 ساعة
المشاركات: 1
بداية الموضوع  

#رؤية_سيميائية
📕رؤية نقدية سيميائية تحليلية لقصيدة (ما لم يُحِطْ به الهُدْهُد)
📕للشاعر المصري/ #محمد أبو الرجال
📕(ما لم يُحِطْ به الهُدْهُد) إحدى القصائد الفصيحة الفائزة بالنشر ضمن جائزة #المتنبي الأدبية في موسم ٢٠٢٥م، وهي نصٌّ شعريٌّ قائمٌ على التناص القرآني، والبناء الرمزي، والتشكيل الدرامي ذي البعد الإنساني، وهي قصيدة ذات أهمية أسلوبية كبيرة، وقد رأيتُ أن أوضح الجانب السيميائي في تفكيك العلامات الكبرى بالقصيدة: (الأرض، الماء، الطفل، القربان، الصوت)، وبإعمال المنهج الأسلوبي في تحليل البنية اللغوية والإيقاعية، والمنهج الفني في تقويم الصورة الشعرية والرؤية الفكرية، والمنهج الرمزي في استقراء البعد الأسطوري للصورة؛ فالنص يشكّل نموذجًا للشعر الرمزي الحديث الذي يمزج الأسطورة بالواقع، ويعيد إنتاج المأساة الإنسانية بلغة عالية الكثافة والدلالة؛ فتأسس لفكرة نقد الذاكرة الزائفة، ومساءلة البطولة المصنوعة، مع إبراز الضحية بوصفها صانعة المجد الحقيقي للآخرين، وبذلك تنتمي القصيدة إلى الشعر الإنساني الاحتجاجي ذي البعد الوجودي الرمزي الذي لا يعتمد على المباشرة، بل على الإيحاء والتكثيف والتراكب الدلالي.

📕(العنوان بوصفه عتبة سيميائية للنص)
يمثّل عنوان القصيدة (ما لم يُحِطْ به الهُدْهُد) إحالةً مباشرةً إلى الخطاب القرآني في قصة الهدهد وسيدنا سليمان -عليه السلام- وهو تناصٌّ يُنشئ من البداية أفقًا دلاليًّا قائمًا على:
- مفهوم المعرفة الناقصة في مقابل الحقيقة الغائبة.
- مفهوم السلطة المعرفية التي يمثلها الهدهد بوصفه ناقلًا للخبر.
- فكرة المسكوت عنه؛ إذ إن ما لم يُحَط به هو جوهر المأساة الإنسانية.
وبذلك يتحول العنوان من مجرد تسمية إلى بؤرة دلالية كبرى تُنير مسار القراءة، وتوجّه تأويل النص.

📕(البنية السيميائية الكبرى في القصيدة): اشتملت القصيدة على علامات أساسية، تمثلت في:
1- (سيمياء الماء والطوفان): يستدعي الشاعر شخصية سيدنا (نوح) بوصفه رمزًا للخلاص الجمعي، فنراه يبدأ قصيدته بنداء يدعو إلى الخلاص من الأزمة والمأساة والوصول إلى بر الأمان: (شُدَّ الوكاءُ، فأرسِها يا نوحُ)؛ والماء هنا يتجاوز دلالته الطبيعية إلى دلالات أخرى أعلى، وهي:
- الماء أداة تطهير.
- الماء عقاب تاريخي.
- الماء وحدٍّ الفاصل بين عالمين.
لكن المفارقة الدلالية تنقلب لاحقًا حين يغدو الماء باعثًا على الفناء، فنجد الشاعر يقول بكل وضوح: (أوحى لكِ الماء: اتركوه، وروحوا)؛ وهنا يتحول الماء سيميائيًّا من رمز الحياة، إلى وسيط للموت.
2- (سيمياء الأرض): تتجلى الأرض في القصيدة بوصفها:
- ملاذًا للتائهين: فــ (الأرض عُشّ التائهين)
- مذبحًا للقربان: فــ (قربان هذه الأرض يا أمي أنا)
فتغدو الأرض هنا علامةً مزدوجةً تجمع بين المتناقضين: (الأمومة والذبح)، (الحماية والموت).
3- (سيمياء الطفل): الطفل في النص ليس فردًا بعينه، بل علامة للبراءة المطلقة، وهو يُلقى للمصير المجهول، فيتحول إلى رمز للإنسان المقهور منذ الميلاد، بما يحيله إلى صورة كونية للضحية.

📕(البنية الرمزية والتحولات الدلالية): القصيدة رمزية من الطبقة الأولى، قامت على مثلث رمزي:
1- (رمز نوح): للمنقذ المستدعى في زمن العجز، وهو نداءٌ يتضمن اليأس قبل الرجاء.
2- (رمز هابيل): (في آدميّ.. هابيل يشقى وحده)، فهذه الصيغة تحيل إلى استمرارية منطق القتل الأول؛ حيث تتحول الأسطورة إلى بنية تاريخية متكررة، لا حادثة منتهية.
3- (رمز القمح والسنابل): فالقمح في القصيدة يرمز إلى ثلاثية الوجود والتواجد والاستمرارية: (الحياة/ القوت/ البركة)، غير أنه يُقدَّم بصيغة بكائية، فقد رآها أبو الرجال استعارة: (تبكي السنابل)؛ فتتحول معه الطبيعة من حقل نموّ إلى حقل فجيعة ومصاب، وتغدو السنابل شواهد قبور رمزية يكثر حولها الدموع.

📕(التحليل الأسلوبي)
شحن أبو الرجال قصيدته الرمزية بمفارقات أسلوبية وتراكيب انفعالية مكثفة، اشتملت على ثلاثية كعادته في التناول:
1- (الإنشاء والخطاب المباشر): تعتمد القصيدة بكثافة على أسلوب النداء والخطاب، فنجد الشاعر يكرر: (يا نوح)، (يا أمي)، (لا تسألي)، وهي صيغ تُنشئ توترًا حواريًّا دائمًا، وتمنح النص طابع الاعتراف والاحتجاج.
2- (المفارقة الأسلوبية): فكيف يكون المدح لغيره وله في آن واحد، هذا الذي قرره الشاعر: (مدحوا سواك… أظننت حقًا أنك الممدوح؟)؛ فالبنية تقوم على السخرية المضمرة، وكشف التباين بين: (الصورة الزائفة، والحقيقة المنسية).
3- (التراكيب الانفعالية المكثَّفة): ترد في النص تراكيب مكثفة المعاني على لسان الشاعر، من قبيل: (وجع الكمان)، (ذكرى ملفّقة)، (صوتها مكبوح)، وهي تراكيب قائمة على شحن اللفظة بطاقة انفعالية عالية، تتجاوز معناها المعجمي إلى دلالة نفسية وفكرية.

📕(التحليل اللغوي والدلال)
اعتمد أبو الرجال لغويًا على حقول معجمية ثابتة للدلالة على الألم والتحسر والغربة والرجوع للأصل، مع محاورة الزمن:
1- (الحقول المعجمية): تتوزع ألفاظ القصيدة في حقول دلالية كبرى أبرزها:
- حقل الألم: (وجع/ يئن/ مذبوح/ جروح)
- حقل الأرض: (قمح/ سنابل/ فلاح/ صفصافة)
- حقل الغربة: (نزوح/ هجرة/ غربة/ جنوح)
ويؤدي هذا التمازج إلى تكوين شبكة دلالية بارزة تدور حول فكرة القهر والاقتلاع.
2- (الزمن الشعري): يمتزج في النص الزمن الماضي بالحاضر، مما يُنتج:
- إحساسًا بديمومة المأساة.
- انتفاء الحدود بين التاريخ والحاضر.

📕(التشكيل الفني والبنائي)
قامت القصيدة على التكامل الشعري الشعوري مع بناء درامي محكم الأجزاء، على نسقين:
1- (الصورة الشعرية الكلية): فالقصيدة ليست مجموعة صور مفردة، بل لوحة درامية كونية تتداخل فيها: (الأسطورة مع الرمز)، و(الواقع الاجتماعي مع الوجدان الفردي)
2- (البناء الدرامي): يمكننا تقسيم القصيدة بنائيًا إلى ثلاثة أقسام أساسية:
- مطلع مأسويّ: (النداء لنوح والنزوح).
- وسط احتجاجيّ: (فضح المدح الزائف والحنين الملفّق).- خاتمة تراجيدية فلسفية: (القربان وبناء الصروح على المجاز).

📕وكتبه: الدكتور/ #محمد شاهين
الناقد الأدبي ومؤسس جائزة المتنبِّي الأدبيَّة
جدة ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٥م



   
اقتباس
شارك:

🕶 كن معنا !

الإبداع ثقافة وتواصل . اشترك للحصول على أحدث منشوراتنا الأسبوعية في صندوق الوارد الخاص بك. لن نرسل لك بريد عشوائي هذا وعد. أعرف المزيد في سياسة الخصوصية الخاصة بنا.

زر الذهاب إلى الأعلى
Rkayz

مجانى
عرض