ماذا ترى في مُـحِـبٍّ مـا ذُكِـرتَ لَهُ
إِلّا بَـكـى أَو شَـكـا أَو حَـنَّ أَو طَـرِبا
،
يرى خيالكَ في الماءِ الزُلالِ إِذا
رامَ الشَـرابَ فيروى وَهُـوَ مـا شَـرِبا
،
ابن سهل الأندلسي الإسرائيلي
أعجبتني بهذين البيتين عدة أمور سأحاول تبيانها :
١. مخاطبة المعشوق وجعله حكما وبالوقت ذاته كان السؤال يريد معرفة موقف المحبوب منه : هل يحبه؟ هل هو متعاطف معه؟ هل هذا المحب يشكل له شيئًا؟
السؤال بحد ذاته له شاعرية جميلة بكونه مواجهة موقف ، مواجهة ذات .
٢. الحصر : إلا بكى أو شكا أو حنَّ أو طربا ، فهو بين هذه الحالات التي تأتي جميعها مشيرة للاضطراب وهذه الحالات التي لا يخرج منها ، على الشاعر الآن أن يفصّل فيها ويشرحها بشواهد ، أو يخرج من هذا الحصر وموقف السؤال إلى مشهد آخر ، والخروج منه بلا تبيان وتخييل ربما يؤدي لخروجنا من شاعرية كبرى وبالفعل قام الشاعر بالتبيان والتخييل .
٣. التبيان والتخييل لحالات الحصر التي ذكرها الشاعر ، من المتوقع أن تكون رديئة في تقسيمها لو ضرب بيت شعر لكل حالة ذكرها ، مثلا بيت عن البكاء وآخر عن الشكوى وهكذا , لكن الشاعر اهتم برفع سقف الشاعرية من خلال بيت وحيد به خيال رفيع وعبقري ، إنه خيال إبداعي وجامع لكل تلك الحالات التي تبين حالة العشق ، : يرى خيالك بالماء الزلال ،
الماء الزلال ، يرمز لقمة اللذات ، ويصب بمعنى الارتواء من العطش ، العطش بمعانيه الغريزية والنفسية ، ومع ذلك فالشاعر يبصر محبوبه لا الماء ، إنه الآن في مقارنة بين إكسير الحياة "الماء" ما هو معلوم من الدين والعلم :"وجعلنا من الماء كل شيء حيّا" ، و "المحبوب" ، الذي تمثّل بخياله فقط ، ليس المحبوب حقيقةً بل خياله/طيفه فقط وهذا التفضيل لخيال المحبوب هو مبالغة عبقرية بالتصوير والاختيار ثم يكشف الشاعر أنه ارتوى من الخيال فقط بلا شرب للماء
هذا التخييل العبقري حشد شاعرية نفسية تناسب التقسيم الذي وضعه الشاعر لذاته بين بكاء وشكوى وحنين وطرب
لو لديك أي شيء يعجبك أو لفت نظرك بالبيتين اذكره ، ودعنا نتناقش هنا في جمال النص
الذي اعجبني في الشطر الأول بقوله ماذا تري له ميزه رائعه ، فهو ثنائيه للتساؤل عن الذكريات مع نفسه وايضا في رسم التلميح للمتلقي القارئ ، عكس مثلا اذا قال ماذا أري ....