اغتيل منديل أو انتح...
 
الإشعارات
مسح الكل

نقاش اغتيل منديل أو انتحرت يد ، حبيب يونس

عصام مطير avatar
(@essammutair)
Estimable Member Admin
التعبير
المقام الثالث
Points: 696042
انضم: منذ 13 سنة
المشاركات: 83
بداية الموضوع  

 

 

أجمل ما قيل في الفراق والرغبة به ، 

كان الشعر الذي قاله حبيب يونس وغنته الفنانة ماجدة الرومي ومنه:

 

بين السماء وفيء عينيه الغدُ

وجنون قلبٍ عاشقٍ والموعدُ

ومسافةٌ من لهفةٍ وتشردُ

ومسافرٌ في زرقةٍ.. ما همُّهُ

ُاغتيل منديلٌ أو انتحرت يدُ

 

أنا شئت أرحلُ.. لن أعود إلى سرابْ

 

قرار الرحيل الذي نتخذه ، منحتنا إياه الأرض في كونها واسعة وتشي بالقبول والبدء من جديد ، 

لكن هذه الحرية الطبيعية قُيّدت بهذا العصر من خلال الدول الحديثة والحدود والأنظمة ومُنحنا بدلا منها حرية افتراضية شبكية لا طعم ولا رائحة بها مما تسبب أيضًا بانعكاس ذلك على علاقاتنا العاطفية .

 

حين يقول الشاعر "بين السماء وفيء عينيه " يعيدنا للطبيعة وللإنسان فيها ، وهذا هو نداء الشعر الأبدي ، حيث للشعر في أنفسنا صهوة نحو الذات القديمة الحرة ، نحو العلاقة بيننا وبين الطبيعي والممكن والغامض (المستقبل) : الغد ، أي الزمن الذي لا نعرف ، وهذا الاتساع بهذه العلاقة بين من يحب والسماء يشير للغيب الجميل ، ثم يشير الشاعر نحو ما به ضمنيا ( جنون قلب عاشق ) و (الموعد) الذي يُحيي بنا رومانسية التطلع للقاء ، إلا أن هذا التطلع يصطدم بمسافة من لهفة وتشرد ، أي إلى عجز ممزوج بشوق لن يصل ، يفسره أيضًا بقوله : 

"ومسافر في زرقة ما همه ، اغتيل منديل أو انتحرت يدُ" ليعني بذلك الطرف الآخر غير المكترث به تماما ليبدأ الاعتراف هو : 

"أنا شئت أرحلُ.. لن أعود إلى سرابْ"

في البداية كان يعرّض ويصف مشهد التحطم بهذا الحب وعلته ثم دخل الشاعر بالنص معبرًا عن نفسه "أنا شئت" 

وقد يشير قوله "ومسافر في زرقةٍ ما همّه ، اغتيل منديل أو انتحرت يدُ" لكونه قد انقضى به الحال في حزن كبير لم يعد هناك ما يثيره في عذابه ان كان قد اغتيل منديله أو انتحرت يده ، 

واختلاف الاحتمالين يشيران نحو نهاية واحدة لهذا العشق ، ويبديان أيضًا الشعري في تصارع المعنيين إن كان يقصد نفسه أو الآخر ، هو بكونه في حزن كبير لا يشعر بعذابه الجزئي ، أو الاخر الذي لا يكترث إن كان عاشقه يعاني ، وحين نستمر بالنص تصبح "اغتيل منديل أو انتحرت يد" لازمة شعرية بالنص وهو ما يطلق عليه تكرار اللازمة ، وحينها يكون أحد المعنيين السابقين أشد وضوحًا في كونه هو المقصود مع ظهور احتمال ثالث أنه لم يعد يهمني أنا كعاشق اختار الرحيل/الفراق ما اذا كانت يدي أو يده قد انتحرت أو ما إذا كان منديلي أو منديله قد اغتيل . 

 

وقوله "انتحرت يد" فيها إزاحة للانتحار بمعنى اليأس من الآخر رغم القدرة (اليد) وتشخيص اليد بكونها تنتحر منح النص جمالا وإبداعا خاص ، خصوصا مع ربطها بـ منديل يُغتال ، فالاغتيال والانتحار ثنائية شاعرية للموت/النهاية

 

حين نعود للفراق بعصرنا هذا أي ما بعد نص الشاعر ، بما يقارب عقدين من الزمان تمكنت فيها التقنية وتسنَّمت صفات العصر ، نجده قد نال مكانة أكبر بفعل تحطيم العمق الشاعري بنا 

وكان من ضحاياها المبكرة الشعر الذي فقد جزءًا كبيرًا من حيويته ، وأما التقييد الذي جاءت به الأنظمة على الواقع فقد دفع نحو الإمساك بأي علاقة حتى لو كانت مريضة أو القفز لعالم يخلو من الشعور الكامل ، ويكرس وجوده بحاستي السمع والبصر فقط

 

إن التجربة العاطفية الثرية ، يشير إلى عمقها ونضجها وقوة تأثيرها ، الفراق الذي نختاره ونحن قد (أطلنا التأمل في كل ما بالعلاقة) وقد جاءت به طبيعة الحياة ورحابة الأرض التي تدفعنا لوجود آخر، وحتى تلك الأمور التي نراها سلبية جدًا ومؤذية ، كما نعلم هي نواة للأفضل في بعض أحوالها لو أحسنا النظر للمستقبل

أما الفراق الذي جاءت به الأنظمة والتقنيات ، مسخرة إلكترونية نعتقد أننا به قد تخلصنا من تخبطات إلا أن ذلك وهم كبير لأننا مازلنا بمأزق المحاكاة المشوهة والتزامن الخاطئ مع السيادة والرقابة المتضخمة بهذا العصر وسنقع غالبًا بالأخطاء والأشكال ذاتها التي عانينا منها وهذا بعضه وقع به العشاق قديما ، ونحن اليوم فيما يبدو نقع به كاملا .

 

يعود الشاعر لتأكيد رغبته بالفراق ، ويوضح ما ابتداه مباشرة : 

"
أحرقت دمعة ذكرياتي
حطمت سجني والقيود
من قال اني قد أعود.. وابيع ثانية حياتي؟!

وحياته أنا لن أعود"

 

 

 

أدعكم مع القصيدة المبنية على البحر الكامل شعر تفعيلة : 

 

 

بين السماء وفي عينيه الغدُ
وجنون قلب عاشق والموعدُ

ومسافة من لهفة وتشردُ
ومسافر في زرقة.. ماهمه
اغتيل منديل أو انتحرت يد!

أنا شئت أرحل لن أعود إلى سراب
وأهيم في دنياي أحترف الغياب

أحرقت دمعة ذكرياتي
حطمت سجني والقيود

من قال اني قد أعود.. وابيع ثانية حياتي؟!
وحياته انا لن أعود.. لن أعود
اغتيل منديل او انتحرت يد!

ما كان كان وليس لي إلا غدي.. تبنيه آمالي الكبار
ما كان كان.. فيا حياتي تمردي وتجددي نورًا ونار
أنا شئت أرحل حسبكم أمس مضى

فإذا حزنتُم ذاب حزني وانقضى
واذا بكيتم سر في وجهي الرضى
لن أعود.. لن أعود
اغتيل منديل أو انتحرت يدُ

 

 

 

 

IMG 0459

 

 


   
اقتباس
شارك:

🕶 كن معنا !

الإبداع ثقافة وتواصل . اشترك للحصول على أحدث منشوراتنا الأسبوعية في صندوق الوارد الخاص بك. لن نرسل لك بريد عشوائي هذا وعد. أعرف المزيد في سياسة الخصوصية الخاصة بنا.

زر الذهاب إلى الأعلى
Rkayz

مجانى
عرض