,,,
سوف أقدم واجب التعزية،
هو جاري الأمين والمخلص. سوف أقف على ذكره بأبهى حلل النزاهة، فقد كان حريصا ومقداما، وكأنه تشرّب كيانه العنفوان والجلد والصبر.
اهااا سأفتقده…
فكم أبهرني بحماسته التي لا تنضب. وأزعجني من تكرار تآمره بكل زمن حياته، قد راهن على جواري له وسكوتي عنه، او ما اخفيه من نوايا...ولكني اعلم بأنه تجاوز آداب الجيرة، والنخوة العربية، والإسلامية معا.
فيبدأ بالصراخ ودون انقطاع، ينادي لأخوته الذي تسمع صيحاتهم ولا تراهم، يستنجد بهم وتراه لا ينفك عن أمانيه طلبا ليآزروه، فتسمعهم يتناوبون على الصراخ ولا تراهم!
هل تسمعون صياحهم في حييكم؟
دائما أفكر في قوة حباله الصوتية، وحنجرته المطعمة بألحانه الجميلة، ربما تختلف طبقا لحالته النفسية وهواه، ولكنه يتفنن في ازعاجي الدائم، اعترف بأني خنت ضميري مرات كثيرة، ولأخبر صاحب العقار يحذر المستأجرين من ضرورة التقيد بالعادات والتقاليد، فقد قيل في الأثر "الجار قبل الدار" وان يعمل بمنهج الدين القويم فيكرمني ولا يؤذيني...
هنا يشهد التاريخ بصبري السامق على افعاله، لقد حذرته في قلبي، لأني لا املك تغيير منكره بيدي، كنت مجتهد لأبعد مراحل النصيحة والود، وقد دعوت عليه وعلى ضلاله،
وهي دعوة محب لا أكثر.
لم تكن نيتي سيئة لأتحدث عنه بسوء، فهي قمة الغيبة التي نهى الدين عنها، ومن دماثة أخلاقي جعلت نفسي أطرشً عندما يصيح للفجر، ولكي اخالفه كنت أصلي عند شروق الشمس بكل تفان وايمان. خطيئته الكبرى مقت عيشته، لأنه يجلب الدمار والضجة الى شخصه.
لا اعلم كمية الصرخات المنطلقة عند ذبحه، لكن يقيني بأنها غزيرة، ولا اعلم كيفية اعداده على مائدة الضيوف، ولكني اجزم بصدق وحزم بأن الضيوف لم يتركوا شيئا من لحمه ولا اظن عظمه، فطعام اهل البيت يوصف بالماتعة واللذة. وهناك شك يساورني وهو المتأكد بأن اهل البيت لم يتذوقوا طعمه، فقد انتهى في بطون تلكم الضيوف!
عموما...
افتقد انقطاع صوته، وجلبته الصاخبة عندما تبدأ مناوبته المتعاقبة، واحسست بان ضميري أدى مهمة النصح والإرشاد، والدعوة في باطن الغيب، على أكمل وجه، فهنيئا له سيرته. وسوف اخلد للنوم براحة منقطعة النظير!
الإشعارات
مسح الكل
بداية الموضوع 19/09/2025 8:12 م
عصام مطير reacted