" أنا .. كما ترغب أنت"
جملة من مسرحية كتبها الأديب الإيطالي بيراندللو اسمها "ست شخصيات تبحث عن مؤلف"
استشهد بتلك الجملة إيريك فروم بكتابه الخوف من الحرية ، الكتاب الذي كان أجمل فصوله هو الفصل الأخير تحديدًا عن نقد حياة ونفسية الإنسان المعاصر ،
يقول إيريك :
"لقد زاد فقدان النفس من ضرورة التطابق, فقد ترتب على هذا شك عميق بذاتية الانسان. اذا كنت لا شيء, بل ما اعتقد انه مفروض فيّ - فمن "انا" ؟
لقد رأينا كيف ان الشك في نفس الانسان بدأ بتحطيم النظام في العصور الوسطى الذي كان للفرد فيه مكان لا يتزعزع بنظام محدد. لقد كانت ذاتية الفرد مشكلة كبرى في الفلسفة الحديثة منذ ديكارت. واليوم نعتقد اننا ما نحن عليه. ومع هذا لا يزال الشك قائماً حول انفسنا او لقد نما بالاحرى. لقد عبر بيراندللو في مسرحياته عن شعور الانسان الحديث هذا. انه يبدأ بالسؤال: من أنا ؟ أي برهان لديّ عن ذاتيتي سوى استمرار نفسي الفيزيائية ؟ وليست إجابته مثل اجابة ديكارت - تأكيد النفس الفردية- بل إنكارها: ليس لي ذاتية, ليست هناك نفس سوى التي هي انعكاس لما يتوقع الأخرون مني أن أكون عليه: إنني كما ترغب أنت"الخوف من الحرية - إيريك فروم ص ٢٠٣ ت: مجاهد عبدالمنعم مجاهد
والكتاب نقد نفسي للأنظمة والمجتمعات ويدور في مضمار الاستقراء والاستنباط عن أثر النظام السياسي والاجتماعي على الفرد ،
ويهمني فيه تحديدًا فصله الأخير الذي به نقد مهم لحالة القهر الخفية عبر وضع أهداف ورغبات يظنها المرء رغباته هو ، لكنها رغبة غيره من حيث لا يدري ،
يقدم إيريك فروم وجهة نظر عن كون الإنسان في هذا العصر "أصبح فردًا لكنه في الوقت نفسه أصبح منعزلا عاجزًا ، وأداة للأغراض القائمة خارجه وأنه اغترب عن نفسه والآخرين "
يقدم إيريك فروم أيضا نظرة حول مستقبل الديموقراطية وكيف أنه متوقف على تحقق النزعة الفردية ، وأن "انتصار الحرية ليس ممكنا الا اذا تطورت الديموقراطية إلى مجتمع يكون نمو وسعادة الفرد هما هدف وغرض الحضارة"
بالعموم هذه ملاحظاتي الأولية :
▪️ الحديث عن سعادة الإنسان يدخل في نطاق الخيالات الجميلة لسبب وجيه ، لا يوجد إنسان واحد ، هناك شخص يشكله المجتمع وكل مجتمع له طرائق ووقائع وتاريخ مختلف ، هناك فعليا اختلافات عرقية لها ثقل كبير حين الحديث عن (الإنسان) فهذا الذي هو الإنسان ليس سوى خيال أو هو المشترك فيما بيننا ، ولكننا بالواقع أشخاص وبالتالي لا يوجد وصفة شاملة للجميع .
▪️ ما قيل عن العصور الوسطى يفتقد الدقة ، وما كان يعيشه الفرد لا يمكن اختزاله بتاريخ أوروبة ، وأما الشعور فصعب تصوره كيف كان ، لأن الشخص المعاصر فقد الكثير بتحضره .
▪️أتفق مع كون التلقائية بهذا العصر قد فُقد الكثير منها ، لكن التكوين العقلي مبني بالأساس على فقدان أجزاء من هذه التلقائية ، وتصور الحرية الكاملة هو تصور فلسفي ...
▪️بحثت عن مصدر الجملة فوجدتها مقتبسة من مسرحية براندللو "ست شخصيات تبحث عن مؤلف" أعجبني عنوانها وهي في قائمتي للقراءة متى ما وجدتها 📚
للحديث بقية