الواقعية الاكتئابية
“يبالغ الأشخاص الذين لديهم مزاج جيد بانتظام في تقدير فرصهم
في النجاح في نشاط معين، في حين أن أولئك الذين يعانون من مزاج سيء يميلون إلى أن يكونوا أكثر دقة في توقعاتهم (وهي ظاهرة تعرف باسم "الواقعية الاكتئابية"Depressive realism).قد تعتقد أن أولئك الذين هم في مزاج سيء سيكونون أفضل حالا،
لأن الأشياء الأخرى متساوية،
والتنبؤات الدقيقة أفضل من التنبؤات غير الدقيقة.المشكلة هي أن الأشياء الأخرى ليست متساوية. إذا كانت فرصك في النجاح منخفضة جدا، وكنت في مزاج سيء، فإن تقديرك الدقيق لهذه الفرص قد يؤجلك حتى عن المحاولة ومع ذلك،
إذا كنت في مزاج جيد،فقد تشجعك آمالك المتضخمة في النجاح على الذهاب، وقد ينتهي بك الأمر إلى أن تكون أحد المحظوظين. إذا كانت تكاليف الجهد الضائع منخفضة، وكانت مكافآت النجاح مرتفعة، فسيدفع إلى الإفراط في التفاؤل. أي محاولة من جانبنا لجعل توقعاتنا أكثر انسجاما مع فرص النجاح الموضوعية قد تؤدي إلى انخفاض هذه المستويات إلى أبعد من ذلك
وحتى عندما لا تزيد الثقة المفرطة في الواقع من فرص نجاحك، فقد تجلب فوائد أخرى ذات طبيعة اجتماعية أكثر، مثل جذب الشركاء أو الثقة الملهمة”العاطفة: مقدمة قصيرة جدا
ديلان إيفانز
اقتباس ماتع يلامس إحدى أقدم وأعمق المُعضلات
في علم النفس المعرفي والسلوكي.
ألا وهي جدلية الدقة مقابل المنفعة في التقدير الذاتي.
إن الظاهرة المسماة "الواقعية الاكتئابية" تُصادم فيها
الإدراك الحصيف للواقع مع متطلبات الاندفاع نحو الفعل.
ومن منظور علم النفس الاجتماعي
يُنظر إلى الثقة الزائدة على أنها إشارة للقوة والكفاءة
أو الموارد الغنية مما يجعل الفرد أكثر إغراءً كشريك اجتماعي أو عاطفي
أو أكثر قدرةً على إلهام ثقة الآخرين به وهي ميزة قيادية.
العبرة هي أن التكيُّف يتطلب في بعض الأحيان التحرر
من قيد الحقيقة المطلقة.
فالنفس البشرية تتطلَّع إلى المنفعة في المقام الأول
وإن اقتضى الأمر تعويم ميزان الحقيقة ببعضٍ من الأمل المُبالغ فيه.
خلاصة القول:
دعوةٌ للتفكر في نظام القيمة الذي يحكم عقولنا.
إن سَبيلَ النجاح قد لا يكون مفرُوشًا بالبُرهان المنطقي
بل بولعٍ غير عقلاني بالنجاح
يتلبَّس المرء في حالة المزاج المُشْرق.


