فن التوازن بين الخطأ والصواب
كل يوم، نقف على حبل مشدود بين طرفين يشبه الحياة، في طرفه الأول يكمن القرار، وفي الجهة التي نرغب في الوصول إليها تقف النتيجة التي تترتب على ذلك القرار. نحن هنا، نوازن أنفسنا على ذلك الحبل، وهو يشبه تمامًا ما نعيشه في الحياة. قد لا تعطينا الحياة الكثير من المساعدات، إلا أننا نمتلك عصا التوازن التي تساعدنا على السير في هذا الطريق.
تمثل هذه العصا كل ما نعرفه من صواب وخطأ، من مبادئ وتجارب، نميل أحد طرفيها في كل مرة، لنوازن أنفسنا باستمرار على هذا الحبل.
في أسفل هذا الحبل، تكمن هاوية سوداء تمثل الذنب. ورغم سوادها، فإن قاعها غير عميق، لكن السقوط فيها مكلف للغاية، فالثمن الذي تدفعه هو ثمن النهوض: مذلة، وحزن، واستياء، وإحساس عميق بالفشل.
أثناء وقوفك على ذلك الحبل، تقف أعين الشامتين متربصة، تنتظر منك الزلة أو النزوة أو الخطأ. وفي المقابل، قد تجد أعين المشجعين تراقبك، تدفعك للاستمرار، وتشجعك على الوصول إلى الجهة المقابلة.
ما هو فن التوازن بين الخطأ والصواب؟
هو القدرة على السير في الحياة باتخاذ قرارات متزنة، مع إدراك أن الوقوع في الخطأ ممكن، لكن التصحيح والاستمرار هو ما يصنع الفرق. أيضا هو ليس تجنب الخطأ تمامًا، بل معرفة متى تميل ومتى تستقيم، وان تعترف متى أخطأت حتى تعيد لنفسك توازنها.
وحتى لو أنك سقطت في هاوية الذنب، وأحسست بالسوء، أو ظننت أنك فشلت في الوصول إلى النتيجة التي ترضيك، كل ما عليك فعله هو إخراج نفسك والنهوض من تلك الهاوية، وتمنح نفسك فرصة جديدة للمحاولة.
. فالسقوط لا يعني النهاية، بل يعني فرصة جديدة للوقوف مجددًا، ولكن هذه المرة وأنت تعلم في أي اتجاه تميل تلك العصا التي توازن بها نفسك. بمعنى أنك الآن تعرف ما هو الصواب، وما هي خطوتك القادمة بعد العودة والوقوف.
وسط الظلام: تنكشف الوجوه
وان زللت وان أخطأت وسقطت، فحتى أثناء السقوط تظهر لك الكثير من الحقائق. أعين الشامتين، التي كانت تراقبك بصمت، ستبدأ في الظهور، وتكشف لك عن أصحابها. كل من خبأ لك الفشل، ونافقك في وجهك، تبدوا أمامك حقيقتهم كل من ظننتهم يوماً سندا، فإذا بهم من أول الشامتين. تراهم عياناً من كان ينتظر زلّتك، لا ليواسيك، بل ليرسّخها في ذاكرتك. ليس لأنهم تغيّروا، بل لأنك أخيراً بدأت تراهم كما هم، دون وهم دون تبرير. والعكس تتجلى أيضا تلك الوجوه المحبة التي تمد لك يد العون لأخارجك من الخطأ ومساعدتك لأنهم أحبّوك.