الإشعارات
مسح الكل

شرح عن منشأ أفكارنا - ديفيد هيوم


عصام مطير
التعبير
المقام الثالث
Points: 1199577
المشاركات: 99
Admin
بداية الموضوع
(@essammutair)
Reputable Member
انضم: منذ 13 سنة

 

قدم "ديفيد هيوم" بكتابه رسالة في الطبيعة البشرية نظرته عن مدركات العقل البشري perceptions ليضعها تنقسم إلى قسمين :

الانطباعات impressions ، والأفكار Ideas ، وقد جعل الفارق بينهما فارقا من حيث الحيوية والقوة في أذهاننا ، فالانطباعات تضم كل ما نعنيه بالأحاسيس والمشاعر والعواطف ،في حين الأفكار هي تلك الصور الخافتة التي يأتي بها التفكير والتحليل العقلي، وهذا التقسيم بالطبع من الممكن تأمله هكذا:

 

 فأنا حين أشعر بعاطفة ما فلنقل الغضب أو الحب، أجد وعيي بها كبيرا وكذلك أيضا حين أبصر شيئا بالواقع فأنا أعيه بطاقة أكبر بكثير من التفكر بفكرة ما، فالتفكير توهجه في وعينا ليس بتوهج المشهد الذي أمام عيني ، وهذا التفريق بين الأفكار والانطباعات سهل لكل منا أن يلاحظه ، وهناك بعض الاستثناءات التي تجعل الأفكار مقاربة بتوهجها وقوتها الانطباعات مثلا حال الحمى أو الجنون،  وقد تصبح الانطباعات ، الأحاسيس مثلا باردة وبالكاد نشعر بها لتقارب مستوى الأفكار من حيث التوهج في بعض الحالات.

 

ينتقل ديفيد هيوم بحديثه عن الأفكار ليبين لنا أنها تتلو الانطباعات، فعلى سبيل المثال فكرتنا عن اللون الأحمر ونحن في الظلمة ، جاءت من إبصارنا اللون الأحمر بالضوء ، وبالتالي فإن أي فكرة جاءت من انطباع سابق، وعلى ذلك يقول لنا ديفيد هيوم :“ لا يمكننا أن نشكل لأنفسنا فكرة دقيقة عن مذاق الأناناس دون أن نتذوقه فعلا“.

 

يخبرنا كذلك بأن كل أفكارنا البسيطة جاءت من انطباعات بسيطة رافقتها أو مثلتها تماما فلكل انطباع بسيط فكرة تترافق معه فمثلا فكرتنا عن اللون الأحمر بالظلمة جاءت من انطباعنا باللون الذي أحدثه ضوء الشمس ، وهذا التباين بين الفكرة والانطباع هو اختلاف بالدرجة وليس في الطبيعة، وقد خص بقوله هذا الأفكار والانطباعات البسيطة كاللون وأشباهه، لكن هناك بالطبع آفكار معقدة لا انطباعات لها مثلا ان تكون بالقدس الجديدة المذهبة الصفة الصفة وذات الجدران المبنية بالياقوت، مع أني لم أشاهد شيئا من هذا من قبل ، وهذا مثال الأفكار المعقدة بلا انطباعات تسبقها، ، غير أن ظهور أفكارنا البسيطة له انطباع بسيط يمثله ويسبقه بالإضافة إلى أن الأفكار البسيطة لا تنتج الانطباعات المرافقة لها فلا يمكننا أن ندرك حسيا (أن نرى الأحمر فعليا على الواقع ) بمجرد أن نفكر بالأحمر، ومن خلال هذا فان الترابط بين المدركات (الانطباعات والأفكار) المتشابهة ، انطباع اللون الأحمر ونشوء فكرة اللون الأحمر، تقدم لنا دليلا بأن انطباعاتنا هي سبب أفكارنا وليست أفكارنا هي سبب انطباعاتنا، 

 

لكن هذه الأسبقية ليست مطلقة فقد تسبق الأفكار انطباعاتها المرافقة في حالات نادرة كما ضرب مثالا على ذلك  ، نلخصه ببساطة في حالة اللون المرسوم بتدرج نسبة ظلاله، من الغامق للفاتح ولو كان هذا التدرج جاء بجزء منه بمسافة أكبر من الجزء الذي سبقه، فقد ينتبه الشخص منا أن هناك تباين بسرعة التدرج وهذا ما يجعلنا نتصور الجزء المفقود ، علي الأقل بعضنا قادر على تصور ذلك اللون بدرجته المفقودة ليكون التدرج انسيابيا ، وهذا ما اعتبره ديفيد هيوم برهانا بأن الأفكار البسيطة لا تستمد دايما من الانطباعات المرافقة لها وإن كانت هي غالبا كذلك ولا تستحق بفعل هذا المثال النادر أن نغير مبدأنا العام ، بل اتجه ديفيد هيوم إلى أن الأفكار الثانوية قد تنشأ من أفكار أولية نشأت من الانطباعات، 

 

يقول ديفيد

الأفكار تنتج صورا عن ذاتها على شكل أفكار جديدة لكن بما أن من المفترض أن أفكارنا الأولى مستمدة من انطباعات فإنه يظل صحيحا أن كل أفكارنا البسيطة تنبثق إما بشكل مباشر أو غير مباشر من انطباعاتها المرافقة

رسالة في الطبيعة البشرية - ديفيد هيوم - ص٢٤ ت عبدالكريم ناصيف.

rkayzcom222

 

 

شارك:

🕶 كن معنا !

الإبداع ثقافة وتواصل . اشترك للحصول على أحدث منشوراتنا الأسبوعية في صندوق الوارد الخاص بك. لن نرسل لك بريد عشوائي هذا وعد. أعرف المزيد في سياسة الخصوصية الخاصة بنا.

زر الذهاب إلى الأعلى
Rkayz

مجانى
عرض