ليت الذي خلق العيون السودا
خلَقَ القلوبَ الخافقاتِ حديدا
،لولا نواعسها ولولا سحرها
ما ودّ مالكُ قلبه لو صِيدا
،
عوّذ فؤادك من نبال لحاظها
أو مُت كما شاء الغرام شهيدا
،
إن أنت أبصرتَ الجمال ولم تهِم
كنتَ امرءًا خشن الطباع بليداإيليا أبو ماضي
قصيدته هذه كتبها على البحر الكامل ب37 بيتا ، أثارت بعض الآراء الشعرية لدي :
▪️التمني الذي جاء بمطلع القصيدة ، أدخلنا سريعًا في حالته الشعورية ، التي نسجت كلمات البيت السابق، لقد أدركنا أنه كان قبلها تحت تأثير التفكر والتأمل بحدث ما ، فالمرء لا يقول "ليت" إلا بصفتها امتدادًا لتفكير أو حدث عارم يدفعه للتمني ، وهاهي شعرية هذا النص البديع جاءت بدءًا بإقحامنا بتمنّي الشاعر الذي ، جاء مؤسسًا لهوية نصه .
▪️تقاسم النص بالبداية إلى المنتصف نزعتان ، نزعة مقاومة ، في قوله :
"عَوِّذْ فؤادكَ من نِبال لحاظها
أو مُت كما شاء الغرام شهيدا "
ونزعة مؤازرة ،
بالبيت الذي يليه:
"إنْ أنت أبصرتَ الجمال ولم تهِمْ
كنتَ امرَءًا خشِنَ الطباعِ ، بليدا "
وأيضًا فسّرا البيتان السابقان البيتين الأولين ، فالبيت الأول "نزعة مقاومة" :
ليت الذي خلق العيون السودا
خلق القلوب الخافقات حديدا
والبيت الثاني "نزعة مؤازرة/ تتمثل بالتبرير"
لولا نواعسها ولولا سحرها
ما ود مالك قلبه لو صِيدا
▪️ظهرت النزعتان ببقية الأبيات بطرق مختلفة ،
نزعة مقاومة :
يا ويح قلبي إنه في جانبي
وأظنهُ نائي المزار بعيدا
ثم بالبيت الذي يليه ، نزعة مؤازرة (تبرير):
مستوفزٌ شوقًا إلى أحبابه
(المرء يكرهُ أن يعيش وحيدا)
ثم بعد ذلك ،
نزعة مقاومة (على هيئة عتاب ولوم):
برأ الإلهُ له الضلوع وقايةً
وأرَتهُ شِقْوتهُ الضلوعَ قيودا ‼️
،
فإذا هفا برقُ المنى وهفا لهُ
هاجت دفائنهُ عليه رعودا
،
جسَّمتُهُ صبرًا فلمّا لم يطق
جشّمتهُ التصويب والتصعيدا
،
لو استطيع وقَيتُهُ بطشَ الهوى
ولو استطاع سلا الهوى محمودا
ثم بعد أبيات من شرحه وتفسيره للحب ، وقد أبدع فيه حين قال:
والحبُّ صوتٌ ، فهو أنّةُ نائحٌ
طورًا وآوِنَةً يكون نشيدا
،
يَهبُ البواغمُ ألسُنًا صدّاحةً
فإذا تجنّى أسكتَ الغرّيدا ‼️
عاد بعد ذلك الشاعر ليحكي لنا نزعة المؤازرة ( التبرير والتلطف):
ما لي أكلّفُ مُهجتي كتْمَ الأسى
إنْ طال عهدُ الجرح صار صديدا
،
ويلذُّ نفسي أن تكونَ شقيةً
ويلذُّ قلبي أن يكون عميدا
،
إن كنتَ تدري ما الغرام فداوني
أو ، لا ، فخلِّ العذلَ والتفنيدا ‼️
،
▪️انطلق بعد هذا التبيان (الضمني) لحالة الصراع النفسي/العاطفي الذي يعيشه ، إلى محبوبته هند ليحكي لها عن حبه :
يا هِندُ قَد أَفنى المَطالُ تَصَبُّري
وَفَنَيتُ حَتّى ما أَخافُ مَزيدا
،
ما هَذِهِ البيضُ الَّتي أَبصَرتُها
في لِمَّتي إِلّا اللَيالي السودا
،
ما شِبتُ مِن كِبَر وَلَكِنَّ الَّذي
حَمَّلتِ نَفسي حَمَّلتُهُ الفودا
،
هَذا الَّذي أَبلى الشَباب وَرَدَّهُ
خَلقا وَجَعَّدَ جَبهَتي تَجعيدا
(كتب الشاعر بعد هذا بيت "يا هند" ، ١٩ بيتًا يعبّر بها عن حبه الشديد لها متغزلا وعاشقا) وقد أحسن بذلك الاتجاه نحوها بعد أن خاض فلسفته الشعرية عن الحب وتفاصيله وما يلاقيه
▪️النص إذن كان من فقرتين :
فقرة تبيان للصراع الذي يعيشه مع الحب بين نزعتين : نزعة مقاومة ونزعة مؤازرة ، تخللها شرحه لمفهوم الحب
ثم
الفقرة الأخيرة التي وجّه بها الشاعر قصيدته إلى محبوبته .
▪️التحول الذي قاده الشاعر من حكاية ما يعانيه وتفلسفه فيه إلى مخاطبة من يحب ، هو أسلوب شعري بديع وكذلك فهو طريقة إقناع .
(النص بديع جدًا ومن الممكن الاطلاع عليه بالشبكة عبر البحث بـ: ليت الذي خلق العيون السودا )
للحديث بقية ، ومن لديه تعليق وتأمل بجمال لاحظه في النص فليكتبه
"(النص بديع جدًا ومن الممكن الاطلاع عليه بالشبكة عبر البحث بـ: ليت الذي خلق العيون السودا )
للحديث بقية، ومن لديه تعليق وتأمل بجمال لاحظه في النص فليكتبه"
النص بديع بلا شك، وتأملاتك الفريدة أضافت لتلقينا للنص أبعادًا أخرى، أيضا رشاقة نصك "الخالي من الإسهاب والتمطيط" جعل القراءة أكثر متعة وسلاسة.