آراء اجتماعية

العطر لا يزيل الأحقاد..

 

إشرحي آلامكِ كاملةً وابعثي كل أحقادك لا بالكلمات فقط ..
فإن الكلمات قبيلةٌ من الخونةِ الذين يتصيّدون لحظةَ ضعفٍ تداهمنا ليهربوا ويتركونا وحدنا نعانقُ رماحَ الآلام وسيوفها وخناجرها
أو أن هذه الكلمات تولد ميتةً قبل تحقيق أغراضها أو حيةً فتقتلها الحياة ذاتها
لكونها ليست الا استفراغا مريرا للموت الذي يريد أن يتسلل للحياةمن أعماقنا فتعاقبه الحياة بتلاشيه كما تعاقبنا حينما نعجز عن المضي بها بتلاشينا
إن الذين يتحدثون فقط هم أولئك الذين يبررون هزيمتهم وانكسارهم وهوانهم وضعفهم وعجزهم عبر كل تلك الحروف والجمل العاجزة الضعيفة المهانة المهزومة..
أو أنهم يتحدثون لأنهم يتحدثون ومن المستحيل عليهم أن يتوقفوا عن الحديث كما أن الرعد من المستحيل عليه أن لا يكون رعداً..
والأحاديث أصواتٌ لا تملك قرار ذاتها ولا نملكه أيضاً فسرعان ما تزول وتتبدد رغم كل محاولاتنا لتعظيم مكانتها وتأثيرها بهذا العالم

إشرحي بكل جوارحك وقدراتك ومواهبك فليس على المضطر من حرجٍ إذ يقاوم بكل ما يملك محيطه الذي لا يمتنع أبداً عن استخدام كل القوى المتراكمة به ضده

إن العطر لا يزيل الأحقاد كما أن الابتسامة لا تخفيها
فاجعلي كل أحقادك رسالة وجودٍ منكِ إليَّ فإنني والله أحب المرأة الحقود..
إننا إذ نحقد كحقدكِ فإننا لن ندمر هذا العالم ولن ندمر حتى أنفسنا وإنني لن أكون مخطئاً إذ أقول أن أكثر النساء حقداً أكثرهن عطاءاً
ولو أننا معشر الرجال تعايشنا مع أحقادنا كما تتعايش النساء مع أحقادهن لكان هذا العالم بوضعٍ أفضل مما هو عليه الآن..

إن الحقد لم يولد معنا ولكنه انبثق بداخلنا بعد نمو قدراتنا واصطدامنا مع محيطنا ليكون تعبيراً بليغاً عن آلامنا المتراكمة و حقوقنا أو مطامعنا التي حرمنا منها مع مزيجٍ من نظرتنا لما حولنا وما ينبغي عليه أن يكون ..

لا يهمني كثيراً أولئك الذين يدّعون أنهم لا يحقدون فالذين يزعمون ذلك ستجدينهم يمارسون كل الأحقاد بعيداً عن الأنظار وإن لأسوأ الأحقاد تلك التي تمارس بالخفاء..
إن الذين يخفون أحقادهم يرتكبون كل البشاعة والدمامة والرداءة بقدر قدرتهم على إخفائها، فكلما أوغلوا بالأحقاد أوغلوا بالكذب والزور والبهتان والغش والخديعة والنفاق ومن كانت هذه صفاته لن يكون الا سافلا حقيراً بقدر استمراره عليها ..
فيا ترى ما فحوى حقده هذا الذي استحق كل هذه الصفات الدميمة ليعيش ويتعايش معها غير آبهٍ بما فيها من سوءٍ ورداءة؟!

إن ما يهمني حقاً هم أولئك الذين لا يخفون أحقادهم ويلقون جراء ذلك كل الأذى والهوان لأنهم أطلقوها للفضاء ,اعلنوا بذلك وضوحهم وصدقهم مع محيطهم ومجتمعهم وعالمهم
والوضوح شجاعةٌ وصدق ومن يبدي وضوحه ومكنونات ما به تتدافع الحياة نحوه كمزيجٍ بين اعتراضاته وما يعترض اعتراضاته من اعتراضات
 فإن أي خطوةٍ بالحياة اعتراضٌ يواجهه اعتراض

ولعل حياته هذه التي نرى أنها مملوءةٌ بالمعارك والصراعات جميلةٌ جداً ومريحةٌ له فليس هنالك أجمل من أن تزيل أحقادك بإخراجها من أعماقك لتلقى مصيرها خارجك بدلاً من أن تكون لعنةً سرمديةً تعاني منها بالحياة وما بعد الحياة..

إننا إذ نبعث أحقادنا خارجنا بكل قدراتنا وجوارحنا ومواهبنا فإننا نعطي دافعاً قوياً للإصلاح الحقيقي والتطور الملموس لأفكارنا وتعاليمنا ومبادئنا وعيشنا والذين لا يفعلون هذا الامر يبقون على ما هم فيه من معاناة وألم وحزن وانكسار ونفاق وخديعة وغش وزور وبهتان ولن يتغير ما حولهم إلا للأسوأ..

فاشرحي آلامك كاملةً وابعثي كل أحقادكِ  لتكون الحياة أجمل ونكون أكثر عدالة وإنصافاً وفهماً وإشراقا..

 

0 0 votes
تقييم الأعضاء

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Rkayz

مجانى
عرض